على مدار آلاف السنين كانت اهرامات الجيزة هى أعظم ما بناه الإنسان، فخر الحضارة المصرية العظيمة التي يشهد لها القاصي والداني بالاعجاز العلمي، لذلك يأتي إليها ملايين البشر من كل أنحاء المعمورة لكي يروا عبقرية المصري القديم في البناء والعمران، لكن اليوم مع التطور الكبير في الوسائل التكنولوجية أصبح هناك تهديدا كبيرا من شركات الواقع الافتراضي لتلك الاماكن التاريخية من خلال محاولات لخلق عالم جديد يتم فيه بيع كل شيء حتى التراث؛ وهو ما فعلته شركة ميتا الأمريكية بالاعلان عن عالم افتراضي جديد باعوا خلاله الهرم الاكبر لاحد الأشخاص والذي فتح مزاد علني وصل حتى الآن لأكثر من مليون دولار فهل ما تفعله تلك الشركات هو أمر قانوني سليم أم مجرم قانونيا؟!، هذا ما سنحاول الإجابة عنه في السطور التالية من خلال عدد من الخبراء.
العالم الإفتراضي
يقول الدكتور أحمد عبد الحميد الخبير الاقتصادي؛ أن تعزيز تقنيات الواقع الافتراضي بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة مع التطور التكنولوجي الكبير الذي اصبحنا نعيش فيه حاليا استطاع أن يجذب المستثمرين من كل مكان مع وجود سوق للعملات الافتراضية أصبح أمرا واقع جعل عمليات البيع والشراء أكثر سهولة ويسر.
ويضيف الخبير الاقتصادي؛ أن الشراء والبيع في العالم الافتراضي يعتبر كبيع السمك في الماء في نظر البعض أو كشراء الهواء لكن الواقع يقول إن تلك التجارة ستزدهر بصورة كبيرة مع كل تقدم في تقنيات العالم الافتراضي وانتشارها في العالم بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة، وبالتالي قصة شراء العقارات أو الأراضي في العالم الافتراضي رغم أنها مازالت في بدايتها إلا أنها جاذبة بصورة كبيرة فمن كان يشتري العقار بدولارات قليلة أصبحت الآن مبالغ ضخمة يتم التعامل بها، بل إن هناك اراضي وأماكن تراثية يتم عمل مزادات عليها وارتفع سعرها بصورة كبيرة ونحن ما زلنا كما قلت في المرحلة الأولى من التحول الافتراضي ومع الوقت سترتفع قيمة تلك العقارات.
ويؤكد أن تلك التجارة الإلكترونية ستصيب بعض القطاعات الاقتصادية ببعض الخسائر خاصة إذا ما عزف البعض عن زيارة الاماكن الحقيقية التي تم صنع مثيل لها في العالم الافتراضي، فمثلا قد يستكفي بعض السياح من التنقل لمكان الأثر الحقيقي والمشقة التي يتكبدها في السفر والمصاريف الضخمة في سبيل زيارة تلك الأماكن على الطبيعة لكنها لن تكون بصورة كبيرة في بداية الأمر لكن مع تطور التكنولوجيا قد يؤثر بصورة ما على إيرادات السياحة.
ترويج سياحي في عالم افتراضي
أما الخبير السياحي مجدي صديق فيقول؛ أن السياحة الافتراضية التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة ما هى إلا وسيلة من وسائل الترويج السياحي للمواقع الأثرية الحقيقية وليست بديلا لها على اي مستوى، فالدول مع التطور التكنولوجي تعمل على الوصول للمستهلك وهو في هذه الحالة السائح الذي تعمل على جذبه لزيارة المكان المراد الترويج له بكل الطرق ومنها تقديم المكان من خلال الواقع المعزز وإبراز هذا الأثر لكي تشجع المتلقي على الحضور.
ويضيف؛ إلى أن تجرية زيارة المواقع التراثية على الطبيعة لا تعادلها صورة يتم مشاهدتها عن طريق نظارة معززة، فتلك الاماكن لها سحر خاص ولكن اظهار الأثر في الواقع الافتراضي هو استراتيجية من استراتيجيات الترويج السياحي لذلك من يقول إن وجود الاهرامات أو غيرها من الاماكن التراثية في العالم الافتراضي هو وسيلة جذب وليست منافسة للحقيقي، لذلك يجب على المسؤولين عن الترويج السياحي في مصر استخدام ذلك الأمر بصورة إيجابية لكي نعمل على الترويج لاثارنا التي لا يوجد مثلها في العالم فاستخدام مثل هذه الأمور التكنولوجية الحديثة يساهم أكثر في حركة السياحة فمن سيرى الموقع التراثي في الموقع المعزز سيكون أكثر رغبة في ملامسة ذلك الأثر ومشاهدته على الطبيعة وبالتالي سيزيد الإقبال السياحي وليس العكس بالزيارة هى تجربة حياتية كاملة وليس مجرد مشهد نشاهده على شاشة أو عن طريق نظارة معززة.
وأشار؛ إلى أننا نحتاج للمبادرة وسرعة التحرك في ذلك الملف حتى نستطيع أن نجني الثمار فالعالم من حولنا يتغير وحتى مايريده السياح الذين يأتون لنا سيتغير من التغير التكنولوجي ونحن يمكن أن نستخدم التكنولوجيا لكي نجعل السائح القادم لنا يستطيع أن يدخل بعض الأماكن التي يتعذر على أحد دخولها في المواقع الأثرية والتراثية ونوفرها له في الواقع المعزز ولكن ذلك يتم في المنطقة الأثرية نفسها وهذه ستكون تجربة جديدة نمزج فيها ما بين الواقع والافتراضي.
استثمار مهم
الخبير التكنولوجي تامر محمود فيرى؛ أننا مازلنا في مراحل أولية من الواقع الافتراضي نتيجة لارتفاع تكلفة التكنولوجيا اللازمة لاستخدام الواقع الافتراضي لكن كل يوم يزداد ذلك الامر بأن يتحول العالم كله للواقع الافتراضي ونصبح جميعا داخل ذلك الواقع الذي أتوقع أن لا يكون هناك شخص لا يتفاعل مع الواقع الافتراضي يوميا في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة مع توافر التكنولوجيا المستخدمة باسعار معقولة.
ويضيف الخبير التكنولوجي؛ إلى أن مسألة بيع الأراضي داخل العالم الافتراضي والتي بدأت قبل عام تقريبا استثمار مهم في العالم الجديد، فما كان يتم بيعه بدولارات قليلة قبل عام أصبحت أسعاره اليوم يمكن أكبر بكثير من أسعاره في أرض الواقع وتستمر تلك العقارات في الارتفاع، فمثلا من اشترى هرم خوفو في الواقع الافتراضي كان بعشرات الدولارات اليوم هناك من يريد أن يشتريه منه بمليون دولار وهو يرفض ذلك ومازال السعر يرتفع حتى أنه في بعض الاحيان ستكون العقارات في ذلك العالم أضعاف أضعاف سعرها في العالم الحقيقي فهى تقوم على الندرة داخل الواقع المعزز فتلك العقارات الافتراضية هي أصل رقمي غير قابل للاستبدال في عالم الميتافيرس لذلك من يمتلك مكان هناك في وقت ما سيصبح ذات ثروة فالاساس هناك هو الندرة الرقمية بمعنى أن هناك عدد محدود من العقارات المتوفرة داخل الواقع الرقمي للبيع والشراء، واهم جزء في الموضوع هو أن يكون هناك امان في التعامل والبيع والشراء وهو ما يتم عن طريق رموز افتراضية غير قابلة للاستبدال.
أماكن تراثية للبيع
ويؤكد الخبير التكنولوجي؛ إلى أن التعامل داخل عالم الميتافيرس مازال يتم عن طريق الأموال الحقيقية لكن مع تطور الأمر سيصبح هناك أموالا افتراضية كما هو في بورصة العملات الرقمية الذي نشاهده الآن ولكن بصورة أكبر وأكثر أمانا مما نراه اليوم في سوق العملات الافتراضية التي في لحظة يمكن أن تخسر مليارات الدولارات أو تكسب اضعافها.
أما بالنسبة للاماكن التراثية وبيعها على الواقع الافتراضي فيؤكد الخبير التكنولوجي؛ إلى أن ذلك الأمر طبيعي وليس فيه اي مشكلة لانه في النهاية عبارة عن واقع افتراضي اي مصنوع بواسطة الكمبيوتر وليست تلك العقارات أو الاماكن التراثية الحقيقية حتى يكون هناك حقوق لكن مع التطور التكنولوجي واحتياج شركات الواقع الافتراضي لتحسين الاماكن الموجودة في الواقع قد يلجأون للدول التي بها اماكن تراثية للوصول لصيغة مشتركة لتعزيز العالم الافتراضي.
دراسة قانونية
وعن الوضع القانوني للعقارات يقول المحامي بالنقض محمد عبد الفتاح إلى أن القانون لا يمنع تملك تلك العقارات على الواقع الافتراضي وحتى الاماكن التراثية التي يتم الإعلان عنها ليس هناك تشريع حالي يتعاطى مع مثل هذه التطورات التكنولوجية لذلك يجب أن يتم دراسة الأمر بصورة سريعة في البرلمان للخروج بتشريع مناسب لمواجهة ذلك الواقع الجديد فمثلا عمليات الاغتصاب التي وقعت هناك كيف سيتم معاقبة الجناة وهى جريمة لم تحدث في الواقع وغيرها من الوقائع ومنها ما يتم الحديث عنه حاليا عن بيع الهرم الاكبر وغيره من الاماكن التراثية كيف تم ذلك وهى أمور لم تحدث على أرض الواقع.