تزامنا مع حلول أول أيام شهر رمضان المبارك، نسترجع في التقرير التالي ذكريات برنامج شهير للفنان الكبير فؤاد المهندس، الملقب بـ “الأستاذ” وهو “كلمتين وبس”.
بدأت إذاعته على موجات شبكة البرنامج العام أحد أكثر البرامج الإذاعية الساخرة شهرة في تاريخ الإذاعة المصرية، حيث كان يكتب حلقاته أحمد بهجت ويذاع يوميًا في الصباح الباكر وينتقد الشخصيات كافة في المجتمع.
طلبت الإذاعة من أحمد بهجت، كتابة برنامج ساخر يومي خفيف الظل لا تتجاوز مدته 5 دقائق، فتردد ولكن أقنعه المخرج الإذاعي يوسف حجازي بكتابة صفحة واحدة يوميا، لذلك فضل كتابته بالعامية ليصبح من أقرب وأحب البرامج إلى المستمعين.
رغم وجود قيود في النقد الإذاعي والتلفزيوني، فإن البرنامج نجح في كسر الحواجز بالتابوهات غير القابلة للنقد في الإذاعة، فكان معبرًا عن لسان حال المواطنين بفضل الأسلوب البسيط وحقق نجاحًا كبيرًا.
نجاح البرنامج دفع مسؤولي الإذاعة لرفع الرقابة عن البرنامج، بعد مصادمات مرات عدة مع رقابة التلفزيون تدخل وزير الإعلام لرفع الرقابة عن البرنامج بشكل كامل، فكانت الحلقات تعرض مباشرة من دون مراجعة رقابة الإذاعة.
رد فعل المواطنين
كان يتم تسجيل حلقات الأسبوع مرة واحدة أو مرتين أسبوعيًا لمواكبة الأحداث والتطورات السياسية، فنجح البرنامج بالتعبير عن رد فعل المواطنين خلال الأزمات والمشاكل بشكل كبير.
خلال 40 عاما لم يتوقف أحمد بهجت، عن كتابة “كلمتين وبس” سوى شهرين أو ثلاثة أشهر، في البدايات عندما اعترضت الرقابة على إحدى الحلقات فقرر عدم الاستمرار، وتوقفت إذاعة الحلقات.
تواصل فؤاد المهندس مع أحمد بهجت، لأنه أراد استمرار كلمتين وبس وعندما اعتذر استأذنه المهندس في الاستعانة بالكاتب المسرحي بهجت قمر ووافق، ولكن لم يستمر الكاتب بهجت قمر في كتابة الحلقات سوى شهرين أو ثلاثة واعتذر، فعاد يوسف حجازي وفؤاد المهندس للكاتب أحمد بهجت، فوافق واستمر في كتابة الحلقات لما يزيد عن 40 عاما.
عبارة ” مش كدة ولا إيه” التي كان ينهى بها فؤاد المهندس، كل حلقة قالها في الحلقة الأولى أعجبت أحمد بهجت، وأوصى المهندس بقولها في نهاية كل حلقة.
ومن أشهر حلقات البرنامج كانت الحلقة التي تحدثت عن وفاة أم كلثوم، وفيها تنبأ أحمد بهجت، بذلك كوكب الشرق قبل وفاتها، كانت وقتها بين الحياة والموت وعرف بحكم عمله الصحفي من الأطباء أن حالتها متأخرة، ففكر إنه في حالة وفاتها لن يكون مناسبا إذاعة أي حلقة تتحدث عن موضوع آخر، فجهز حلقة عن وفاة أم كلثوم قبل إعلان وفاتها، وسجل مع فؤاد المهندس هذه الحلقة ولم يخبرا أحدا، أذيعت الحلقة فور إعلان وفاة أم كلثوم وكان سبق صحفي لأحمد بهجت.
وفي حلقة من الحلقات تسببت بمقاطعة العرب لأعمال فؤاد المهندس، وذلك في مرحلة السبعينات وتحديدا بعد حرب 73 عندما وصلته أوامر من الرئيس السادات أن يتكلم في برنامجه عن موقف العرب المعادي لمصر بسبب اتفاق السلام مع إسرائيل، وهو ما حدث، فكانت النتيجة أن قام العرب بمقاطعة أعمال فؤاد المهندس لمدة سنة كاملة وكان لهذا الموضوع تأثير سلبي كبير عليه.
أزمة مالية:
تعرض فؤاد المهندس، لأزمة مالية استمرت عامًا فقط، وحاول التواصل مع أحد كبار المسئولين حتى وصلت أوامر من الرئاسة وتم التواصل مع الدول العربية لفتح المجال أمام أعمال المهندس من جديد.
استمر البرنامج على أثير الراديو لأكثر من 40 عامًا، إلى أن قرر فؤاد المهندس وأحمد بهجت وقف البرنامج بسبب الحالة الصحية التي مر بها وشعوره بأن البرنامج استنفد أغراضه مع بداية انتشار الفضائيات.