اشترك هذا الطفل في 31 فيلماً قام فيها بدور البطولة وغنى ولحن أغانيها جميعاً، كما أسهم بعدد كبير من الأغنيات التي تربع بَّها على عرش الغناء، ولحن لعدد كبير من المطربين.
انهما الشقيقين فريد الأطرش وأسمهان، أما أسمهان فقد كان إسهامها الفني غزيراً مقارنة بعمرها الصغير، حيث توفيت عند عمر الـ32 عاماً، ومقارنة أيضاً بقصتها التي اتخذت مساراً مأساوياً مختلفاً عن شقيقها، فحينما بدأت تخطو خطواتها الأولى نحو عالم الطرب.
حققت نجاحاً لافتاً بأغنيات شقيقها فريد والموسيقار محمد عبدالوهاب، وهي لم تبلغ بعد الـ18 عاماً، وأصبحت عنصراً منتجاً رئيسياً في عائلة الأطرش، ولهذا السبب رفضت والدتها زواجها بابن عمها الأمير حسن الأطرش، الذي جاء إلى القاهرة ليمنع أسمهان من الغناء، لكنه ما إن رآها حتى وقع أسيراً لحبّها وقرر فوراً أن يتزوجها، ولم يقنع بالاعتذار المهذب الذي قدَّمته زوجة عمه التي وافقت على الزواج فيما بعد، لضغط العائلة عليها ومقابل تعويضها مادياً عن فقدان ابنتها ومصدر دخلها.
فسجَّل لها الأمير بيتاً باسمها في دمشق، وأعطاها 500 جنيه مهراً لعروسه. وفي عام 1933، تزوجت آمال بابن عمها الأمير حسن وانتقلت من القاهرة إلى السويداء لتعيش معه، وأنجبت ابنتها الوحيدة كاميليا، ثم تطلقت منه بعد ست سنوات وعادت إلى مصر، لتغني أولى أغانيها التي أطلقتها من إذاعة القاهرة عام 1938 “يا طيور”، من تأليف يوسف بردونس وتلحين محمد القصبجي، وكانت هذه الأغنية نقطة البداية في شهرتها.
وُلد الأخوان فريد الأطرش وآمال الأطرش (أسمهان) بمدينة السويداء في محافظة جبل العرب بسوريا، والدهما هو محمد بن فهد الأطرش أحد أمراء آل الأطرش، العائلة الأعرق بجبل الدروز، حيث كان منهم كثير من الرجال الذين لعبوا دوراً بارزاً في الحياة السياسية بسوريا والمنطقة.
أبرزهم سلطان الأطرش قائد الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي.. أما والدتهما فهي الأميرة علياء المنذر، درزية لبنانية، عُرف عنها صوتها الطربي الجميل وغنَّت في مناسبات عدة بعد مجيئها إلى مصر.
وتزوجت اسمهان مرة أخرى بالمخرج أحمد بدرخان ثم انفصلا، ثم تزوجت الفنان أحمد سالم، وكان آخر أفلامها الذي لم تتمكن من إكماله هو “غرام وانتقام” الذي أُنتج عام 1944 من بطولة يوسف وهبي، لأيام طويلة توقف تصوير الفيلم؛ حيث كانت أسمهان تمر بظروف نفسية سيئة إثر خلاف حاد مع زوجها آنذاك الفنان أحمد سالم.
وحاول يوسف بك وهبي، بطل العمل، إقناعها بالعودة للتصوير واستئناف نشاطها الفني، واقتنعت بالفعل، خاصةً أنها أنهت جميع مشاهدها بالفيلم، ولم يعد هناك سوى مشهد النهاية، لكنها استأذنته في إجازة قصيرة لمدة يومين تعود بعدها إلى الاستوديو، إلا أن أسمهان لم تتمكن من إكمال هذا المشهد؛ لتعرضها لحادث أودى بحياتها أثناء ذهابها لهذه العطلة.
و قبل مغادرة أسمهان منزلها، أجرت محادثة تليفونية قصيرة مع شقيقها فريد الأطرش، قائلةً: “فريد، أنا مسافرة لمدة 48 ساعة بس، عاوزاك تعمل بروفة مع الموسيقيين لغاية ما أرجع”.
وأثناء ذهابها لقضاء هذه الإجازة برأس البر، تعرضت اسمهان ومديرة أعمالها ماري قلادة لحادث أودى بحياتهما، حيث انحرفت سيارتها عن الطريق وسقطت في ترعة الساحل بمدينة طلخا، فيما اختفى قائد السيارة في ظروف غامضة ولَّدت شكوكاً في كون الحادث مدبراً لاغتيالها.
ففي عام 1941، لجأت بريطانيا إلى أسمهان لتستعين بها على دخول سوريا ولبنان وطرد قوات حكومة فيشي التي كانت قد أسلمت زمامها إلى الألمان، وسافرت وقامت بالمهمة الموكلة إليها وعادت إلى زوجها حسن الأطرش، ثم ما لبثت أن عادت إلى مصر وطلبت أن يطلقها.
كما أنها كانت قد ضاقت بحياة الزوجية وبغيرة زوجها أحمد سالم، وشكّه في علاقتها بأحمد حسنين باشا؛ مما دفعه إلى مواجهتها وإطلاق رصاص من مسدسه نحوها، فهربت وأبلغت السلطات التي وجهت إلى أحمد سالم عدة تهم، منها الشروع في قتل زوجته، لذلك تواترت أقاويل عن اغتيال المخابرات البريطانية لها، وأخرى عن رغبة زوجها في الانتقام منها.
عام 1944، رحلت رفيقة الدرب وتوأم روح فريد، شقيقته أسمهان، عن الدنيا. وعام 1974 توفي فريد الأطرش في مستشفى بلبنان، وكان قد أوصى أخاه بأن يُدفن في مصر بجانب جثمان أخته وتوأم روحه أسمهان، وكان له ما أراد.