مأساة كبيرة عاشها أهالي مطروح وخاصة منطقة الشيخ صافي، التابعة لقسم مرسى مطروح، وذلك بعد اختفاء 3 من أسرة واحدة لمدة أسبوع كامل في الصحراء، بعد أن خرجوا في رحلة صيد للبحث عن الصقور، إلا أنهم لم يعودوا وخرج المئات للبحث عنهم، حيث عثروا عليهم جثث هامدة على مسافات متباعدة بعد أن نفذت منهم كافة وسائل الحياة.
القصة بدأت بعد أن قرر مساعد بو حتيتة أبومطير، وشقيقه رمضان أبوحتيتة أبومطير، وولده الطفل شاهين رمضان، الخروج في رحلة صيد للصقور منذ أسبوع، كما كانوا يفعلون في مثل هذا الوقت من السنة كل عام، حيث أخذوا عدتهم وعتادهم، وانطلقوا تقريباً يوم 22 سبتمبر، بحثاً عن صيد ثمين داخل الصحراء الشاسعة المهولة الممتدة بين مصر وليبيا.
ابتعد الشقيقان ونجلهم كثيراً، وتوغلا داخل الصحراء الكبيرة، إلى أن اكتشفا أنهم شردوا داخل الصحراء بعيداً عن المدينة وأي وسيلة من وسائل النجدة، وعندما قرروا العودة، وفي الطريق كانت بداية المأساة، حيث نفذ منهم البنزين، ومع عدم وجود شبكات للمحمول، قرروا اتخاذ القرار الصعب.
خلال ذلك وبعد أن مكثوا ما يقرب من 5 أيام في الصحراء، بدء شقيقهم عبدالمولى بوحتيته، ينتابه القلق، خاصة بعد انقطاع وسائل الاتصال بهم، فقرر البدء في البحث عنهم بكافة الوسائل، وما أن نشر على صفحته الرسمية على الفيس بوك خبر اختفاءهم، حتى هب له وفزغ لذلك أبناء القبائل البدوية لجميع مدن مطروح من الحمام وحتى السلوم غربا وواحة سيوة.
تجمعت ما يقرب من 150 سيارة دفع رباعي، بداخلها ما يقرب من 300 شخص من أبناء القبائل والعائلة والأصدقاء وقصاصي الأثر، وانطلقوا جميعاً يجوبون الصحراء من شرقها لغربها بحثاً عن المفقودين الثلاثة.
بالعودة للصيادين الثلاثة أو التائهين الثلاثة، كانت السبل قد تقطعت بهم بعد أن نفذ البنزين منهم، وهو ما دفع الشقيق الأكبر بالتأكيد للتفكير ملياً في ترك السيارة أو المكوث فيها، ويبدو أن القرار النهائي كان ترك السيارة والبدء في السير، لعلهم يتمكنون من الوصول لأي شخص، أو أن يجدهم أحد من اللذين يبحثون عنهم.
بعد عدة كيلو مترات من السير على الأقدام، يبدو أن الأكل والشرب قد نفذ منهم ، وبعدها بساعات بدأت علامات الإرهاق والتعب تظهر على الطفل الصغير شاهين، الذي يبدو أنه قد خارت قواه، وبدأ يسلم الأمانة لخالقه أمام أعين والده، الذي بالتأكيد كاد يموت كمداً وحزناً على فراق نجله بتلك الطريقة المأساوية، ولكنه لم يكن يعلم أن الأمر لن يتعدى ساعات أخرى ويلحق به هو الأخر.
وكان أبناء القبائل ومعهم قصاصو الأثر يبيتون بسياراتهم في الصحراء، ولم يفقدوا الأمل في العثور عليهم، وتدخلت الدولة بما تملكه وأرسلت لهم طائرة خاصة تبحث معهم عن المفقودين، وكان شقيقهم الأخر يبث فيديوهات وبوستات على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التواصل مع زملائه من القبائل الأخرى لتبادل المعلومات فيما بينهم.
قرر رمضان وشقيقه، دفن ابنه، وتمسكا بالتأكيد بالحياة والعودة مرة أخرى له لدفنه في مقابرهم الخاصة، وإقامة جنازة تليق بهذا الإبن الذي ينتمي لواحدة من أشهر العائلات في مطروح، وبعد دفنه وضعوا عليه علامة تدل على مكانه، وتركوه وانصرفوا في طريقهم الطويل، الذي لم يكن يعلم نهايته إلا الله.
لم يمر وقت طويل، حتى لحق الوالد بولده وخارت قواه هو الأخر، وأسلم الروح لخالقها بين يدي شقيقه، الذي بالتأكيد، كان يتمنى أن يكون حلماً أو كابوساً يستفيق منه على صوت شقيقه، إلا أن الحقيقة المرة كانت أمام عينيه، ولم يفكر طويلاً، وقرر السير في الخطة التي وضعهوها بالتأكيد، وراح يدفن شقيقه، بعد أن دفن نجله.
انصرف صياد الصقور الأكبر تاركاً خلفه رفاقه في الرحلة، وسار على أمل أن يجد أحداً من عائلته أو جيرانه، ومع طول الصحراء ووسعها، ومع نفاذ الأكل والشرب، ومع مرور الأيام بلا طعام، كان اليقين المحتوم، مات هو الآخر في الصحراء وحيداً ولحق بهم بعد أقل من يومين على دفن الطفل الصغير.
وأخيراً وبعد أيام من البحث، عثروا على السيارة، فدب الأمل في العثور عليهم أحياء، وقام قصاصو الأثر باقتفاء أثر أقدامهم، حتى كانت البداية بالعثور على قبر الطفل الصغير شاهين، وعليه “لاسه”، فحملوه، ثم انطلقوا في طريقهم مقتفين أثر الباقين حتى وجدوا قبر والده على بعد 4 كليو مترات منه، فحملوه ايضاً.
على بعد 7 كيلو مترات تقريباً، كانت جثة الشقيق الأكبر قد كتبت نهاية تلك المأساة الحزينة التي بالتأكيد لن ينساها أهل مطروح لمدة طويلة، وحملوه معهم حيث قاموا بالصلاة عليهم ودفنهم في مقابر الأسرة.