الرئيسية / منوعات / «من شر غاسق إذا وقب».. لماذا أمر النبي بالاستعاذة منه؟

«من شر غاسق إذا وقب».. لماذا أمر النبي بالاستعاذة منه؟

أثبتت أبحاث علميّة كثيرة أنّ القمر له أثرٌ في نفسيّة الإنسان تظهر عندما يكون بدراً، أي في أيام الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر قمريّ، حيث إنّه في هذه الفترة يزيد لدى الإنسان التهيّج العصبيّ والتوتر النفسيّ.

وعزا بعض العلماء سبب ذلك وتفسيره علميّاً إلى أنّ جسم الإنسان يتكوّن من 80% من الماء، أما الباقي فهو فقط المواد الصلبة، تماماً كسطح الأرض.

وبما أنّ قوة جاذبيّة القمر تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات، فإنها تسبب أيضاً هذا المدّ في جسم الإنسان، وهذا يحصل عندما يكون القمر مكتملاً في الأيام البيض؛ فذلك يُدلّل على أن للقمر في دورته الشهرية أثراً ظاهراً وحقيقة ثابتة من حيث التأثير الفعلي في سلوك الإنسان، فتتأثر الحالة المزاجيّة عنده بناءً على حركة القمر.

و تم وصف بعض الحالات عند الإنسان بناءً على ذلك باسم الجنون القمريّ، ففي هذه الحالات يبلغ اضطراب السلوك عند الإنسان أقصى مدى له في الأيام التي يكون القمر فيها مكتملاً، أي في الأيام البيض، وقد جاء في السنة ما يدل على هذه الحقيقة، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ نظرَ إلى القمَرِ، فقالَ: يا عائشةُ استَعيذي باللَّهِ من شرِّ هذا، فإنَّ هذا هوَ الغاسِقُ إذا وقَبَ).

{ ومن شر غاسق إذا وقب} قال مجاهد { غاسق} الليل { إذا وقب} غروب الشمس “”حكاه البخاري عنه وهو قول ابن عباس والضحّاك””، وقال الحسن وقتادة: إنه الليل إذا أقبل بظلامه، وقال الزهري: الشمس إذا غربت، وعن عطية وقتادة: { إذا وقب} الليل إذا ذهب، وقال أبو هريرة { ومن شر غاسق إذا وقب} الكوكب، وقال ابن جرير و آخرون: هو القمر.

قالت عائشة رضي اللّه عنها: أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيدي فأراني القمر حين طلع، وقال: (تعوذي باللّه من شر هذا الغاسق إذا وقب) “”أخرجه أحمد والترمذي والنسائي.

وقوله تعالى: { ومن شر النفاثات في العقد} قال مجاهد وعكرمة: يعني السواحر، قال مجاهد: إذا رقين ونفثن في العقد، وفي الحديث: أن جبريل جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال اشتكيت يا محمد؟ فقال: (نعم)، فقال: باسم اللّه أرقيك، من كل داء يؤذيك، ومن كل شر حاسد وعين، اللّه يشفيك.

ولعل هذا كان من شكواه صلى اللّه عليه وسلم حين سحر، ثم عافاه اللّه تعالى وشفاه، ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رءوسهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم.

روى البخاري في كتاب الطب من صحيحه، عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء، ولا يأتيهن.

قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا فقال: (يا عائشة أعلمت أن اللّه قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً، فقال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر، تحت راعوفة في بئر ذروان، قالت: فأتى البئر حتى استخرجه، فقال: (هذه بئر التي أُريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رءوس الشياطين)، قال: فاستخرج، فقلت: أفلا تنشَّرت؟ فقال: (أما اللّه فقد أشفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً) “”أخرجه البخاري ورواه مسلم وأحمد بمثله””.

وروى الثعلبي في تفسيره، قال ابن عباس وعائشة رضي اللّه عنهما: كان غلام من اليهود يخدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى اللّه عليه وسلم، وعدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له ابن أعصم ثم دسها في بئر لبني زريق، يقال له ذوران، فمرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يذوب، ولا يدري ما عراه، فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قال: طبَّ، قال: وما طب؟ قال: سحر، قال: ومن سحره، قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: وبم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة، قال: وأين هو؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان، والجف: قشر الطلع، والراعوفة: حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح، فانتبه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: مذعوراً، وقال: (يا عائشة أما شعرت أن اللّه أخبرني بدائي)، ثم بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علياً والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء البئر، كأنه نقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه، وإذا فيه وتر معقود فيه اثنا عشر عقدة مغروزة بالإبر، فأنزل اللّه تعالى السورتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة، فقام كأنما نشط من عقال، وجعل جبريل عليه السلام يقول: باسم اللّه أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من حاسد وعين، اللّه يشفيك، فقالوا: يا رسول اللّه أفلا نأخذ الخبيث نقتله؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أما أنا فقد شفاني اللّه، وأكره أن يثير على الناس شراً).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Don`t copy text!